الإخبار في آية سورة الفرقان بقبول توبته
قال رحمه الله تعالى: (قال الله تعالى: (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ))[الفرقان:68] إلى قوله: (( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا.. ))[الفرقان:70] الآية، وهذا خبر لا يجوز نسخه)؛ إذ النسخ إنما يدخل الأحكام كالأمر أو النهي، أما الأخبار فلا يجوز النسخ فيها؛ لأن النسخ في الأخبار تكذيب لها، ولا يمكن أن يخبر الله بخبر ثم يغيره؛ فإن هذا يكون تكذيباً، وحاشاه سبحانه وتعالى أن يقول إلا الحق. قال رحمه الله تعالى: (وحمله على المؤمنين) أي: حمل الوعيد الذي في آية النساء على المؤمنين: (وحمل هذه الآية) أي: التي في الفرقان (على المشركين خلاف الظاهر، ويحتاج حمله إلى دليل) يرد بهذا على ابن عباس ، وقد وافقه على ذلك أكثر العلماء والفقهاء فقالوا: وإن صح ذلك عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وإن كان رضي الله عنه حبر الأمة وترجمان القرآن إلا أن هذا اجتهاد منه ورأي له. فخالفوه وقالوا: إن حمله آية الفرقان على المشركين الذين تابوا، وحمله آية النساء على من عرف الإسلام وشرائعه خلاف الظاهر، ولا نقره -وهو حبر الأمة- على ذلك، وهو من أعلم الناس بالقرآن وبالتأويل.والخلاف لا يتنافى مع الإجلال والاحترام والتقدير، فما من أحد إلا ويجل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولكن إذا رأى أحد أن الحق بخلاف ما قاله العالم أو المفتي وإن كان من الصحابة فإنه يذهب إلى ما يرى أن النص يدل عليه ولا يأخذ بكلام ذلك العالم، ولا حرج عليه في ذلك ولا يعد ذلك تنقصاً من قدر العالم أو من قيمته هذا ما كان السلف الصالح يعرفونه وكان هذا من بدهيات طلب العلم عندهم.